الارشيف / اخبار العالم / أخبار السودان اليوم

«الجنوب الشامل» وتراجع العولمة

  • 1/2
  • 2/2

تستدعي المقاربات السياسية والاستراتيجية في كل مرحلة تاريخية تقسيمات جغرافية بعينها يتم بناءً عليها تقديم تصورات بشأن التحولات التي يشهدها العالم، ومن ثم فإنه وبعد أن كانت المقابلة الجيوسياسية قائمة بين الشرق والغرب في زمن الحرب الباردة، اكتشفت الدول الكبرى أن الرهان الأساسي الآن، مرتبط إلى حد بعيد بدول الجنوب التي تريد أن يكون لها حضور مؤثر في صناعة القرار على المستوى الدولي. ولأن أغلبية دول الجنوب كانت تربطها تحالفات تاريخية مع قوى صاعدة في أقصى الشرق وفي طليعتها الصين والهند، فقد بات هذا الخليط الهجين المتكوِّن من دول جنوب وشرق الكرة الأرضية يرمز لما صار يُعرف على نطاق واسع ب«الجنوب الشامل»، وهي مقولة سياسية جرت صياغتها في الغرب، تماماً كما حدث مع مقولات وتسميات أخرى مثل البريكس، قبل أن تصبح جزءاً أساسياً من معجمية الكتابات السياسية الراهنة.

ويشير الباحث تيغران يغفيان، في سياق تساؤله عن حقيقة وجود فعلي لجنوب شامل، إلى أن مقولة «الجنوب الشامل» باتت تمثل التعبير المفضل للخبراء من هواة الفكر المعادي للاستعمار، والذين يشدّهم الحنين إلى مؤتمر باندونغ المنعقد سنة 1955 الذي شهِد ميلاد مجموعة دول عدم الانحياز في أوج الحرب الباردة، وينحازون أيضاً للتصورات المتعلقة بسعي الشعوب، التي جرت إهانتها عبر التاريخ، لاسترجاع هيبتها وكرامتها. وقد أسهمت وسائل الإعلام في نشر هذه المقولة المتعلقة بالجنوب على نطاق واسع، وكان للمفكر الفرنسي برتراند بادي دور لافت في الترويج لفكرة نهاية الهيمنة الغربية على العلاقات الدولية، وبروز الجنوب ومعه الشعوب، كفاعل أساسي في موازين القوى الصاعدة.

وعلينا أن نعترف في هذا السياق، أن هذه المقولة أو هذا المفهوم الجغرافي يتميّز بصعوبة التحديد، ولا يحمل في حد ذاته دلالة مستقلة خارج سياقاته ومرجعياته الراهنة، فالجنوب لا يمثل تحالفاً حقيقياً وليس هو بالقطب المؤثر، ولكنه عبارة عن مجموعة ضبابية تريد دول صاعدة أن توظفه لفائدتها للدفاع عن مصالحها الجيوسياسية والاقتصادية؛ وكان هذا الجنوب يسمّى في الأدبيات السياسية الكلاسيكية ب«العالم الثالث»، وهو مفهوم استخدمه لأول مرة المفكر الإيطالي أنطونيو غرامشي سنة 1926 للإشارة إلى التفاوت الكبير في مجال التنمية بين شمال إيطاليا وجنوبها، وأصبح بعد ذلك بمثابة قاعدة نظرية للحديث عن الفوارق، ليس فقط داخل الدولة الواحدة، ولكن بين كل الدول التي وصل بعضها إلى مستويات عليا من التطور والغنى، وتدحرج بعضها الآخر نحو عتبات الفقر والمجاعة.

واستقر مفهوم «الجنوب الشامل» بخاصة منذ سنة 2022 بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا، عندما رفضت الأغلبية الساحقة من دول الجنوب الانضمام إلى الغرب في حربه ضد روسيا، وتزايدت بشكل واضح عزلة الغرب بسبب اعتماده معايير مزدوجة في التعامل مع حربي أوكرانيا وغزة.

إن تزايد التناقضات والفوارق بين الشمال والجنوب وتفاقم حدة المواجهة بين الصين وروسيا من جهة والولايات المتحدة والغرب من جهة أخرى، يقلص من هوامش العولمة الاقتصادية، ويجعل الدول أكثر جنوحاً للانعزال، ويدفع «الجنوب الشامل» إلى إعادة تقييم علاقاته مع الشمال.

الحسين الزاوي – صحيفة الخليج
bd8e22043d.jpg

كانت هذه تفاصيل خبر «الجنوب الشامل» وتراجع العولمة لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

Advertisements

قد تقرأ أيضا